فصل: قال الخازن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الخازن:

{قال} يعني نوحًا: {يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي} يعني على بيان ويقين من ربي بالذي أنذرتكم به: {وآتاني رحمة من عنده} يعني هديًا ومعرفة ونبوة: {فعميت عليكم} يعني خفيت وألبست عليكم: {أنلزمكموها} الهاء عائدة إلى الرحمة والمعنى أنلزمكم أيها القوم قبول الرحمة يعني أنا لا نقدر أن نلزمكم ذلك من عند أنفسنا: {وأنتم لها كارهون} وهذا استفهام معناه الإنكار أي لا أقدر على ذلك والذي أقدر عليه أن أدعوكم إلى الله وليس لي أن أضطركم إلى ذلك قال قتادة والله لو استطاع نبي صلى الله عليه وسلم لألزمها قومه ولكنه لم يملك ذلك.
{ويا قوم لا أسألكم عليه مالًا} يعني لا أسألكم ولا أطلب منكم على تبليغ الرسالة جعلًا: {إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا} وذلك أنهم طلبوا من نوح أن يطرد الذين آمنوا وهم الأرذلون في زعمهم فقال ما يجوز لي ذلك لأنهم يعتقدون: {إنهم ملاقو ربهم} فلا أطردهم: {ولكني أراكم قومًا تجهلون} يعني عظمة الله ووحدانيته وربوبيته وقيل معناه إنكم تجهلون أن هؤلاء المؤمنين خير منكم: {ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم} يعني من يمنعني من عذاب الله إن طردتهم عني لأنهم مؤمنون مخلصون: {أفلا تذكرون} يعني فتتعظون.
{ولا أقول لكم عندي خزائن الله}
هذا عطف على قوله لا أسألكم عليه مالًا والمعنى لا أسألكم عليه مالًا ولا أقول لكم عندي خزائن الله يعني التي لا يفنيها شيء فأدعوكم إلى اتباعي عليها لأعطيكم منها وقال ابن الأنباري الخزائن هنا بمعنى غيوب الله وما هو منطو عن الخلق وإنما وجب أن يكون هذا جوابًا من نوح عليه السلام لهم لأنهم قالوا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وادعوا أن المؤمنين إنما اتبعوه في ظاهر ما يرى منهم وهم في الحقيقة غير متبعين له فقال مجيبًا لهم ولا أقول لكم عندي خزائن الله التي لا يعلم منها ما ينطوي عليه عباده وما يظهرونه إلا هو وإنما قيل للغيوب خزائن لغموضها عن الناس واستتارها عنهم والقول الأول أولى ليحصل الفرق بين قوله ولا أقول لكم عندي خزائن الله وبين قوله: {ولا أعلم الغيب} يعني ولا أدعي علم ما يغيب عني مما يسرونه في نفوسهم فسبيل قبول إيمانهم في الظاهر ولا يعلم ما في ضمائرهم إلا الله: {ولا أقول إني ملك} وهذا جواب لقولهم ما نراك إلا بشرًا مثلنا أي لا أدعي أني من الملائكة بل أنا بشر مثلكم أدعوكم إلى الله وأبلغكم ما أرسلت به إليكم.
فصل:
استدل بعضهم بهذه الآية على تفضيل الملائكة على الأنبياء قال لأن نوحًا عليه السلام قال ولا أقول إني ملك لأن الإنسان إذا قال أنا لا أدعي كذا وكذا لا يحسن إلا إذا كان ذلك الشيء أشرف وافضل من أحوال ذلك القائل فلما قال نوح عليه السلام هذه المقالة وجب أن يكون الملك أفضل منه والجواب أن نوحًا عليه السلام إنما قال هذه المقالة في مقابلة قولهم ما نراك إلا بشرًا مثلنا لما كان في ظنهم أن الرسل لا يكونون من البشر إنما يكونون من الملائكة فأعلمهم أن هذا ظن باطل وأن الرسل إلى البشر إنما يكونون من البشر فلهذا قال سبحانه وتعالى: {ولا أقول إني ملك} ولم يرد أن درجة الملائكة أفضل من درجة الأنبياء والله أعلم.
وقوله سبحانه وتعالى: {ولا أقول للذين تزدري أعينكم} يعني تحتقر وتستصغر أعينكم يعني المؤمنين وذلك لما قالوا إنهم أراذلنا من الرذالة وهي الخسة: {لن يؤتيهم الله خيرًا} يعني توفيقًا وهداية وإيمانًا وأجرًا: {الله أعلم بما في أنفسهم} يعني من الخير والشر: {إني إذًا لمن الظالمين} يعني إن طردتهم مكذبًا لظاهرهم ومبطلًا لإيمانهم يعني أني إن فعلت هذا فأكون قد ظلمتهم وأنا لا أفعله فما أنا من الظالمين. اهـ.

.قال أبو حيان:

{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ}
لما حكى شبههم في إنكار نبوّة نوح عليه السلام وهي قولهم: {ما نراك إلا بشرًا مثلنا} ذكر أنّ المساواة في البشرية لا تمنع من حصول المفارقة في صفة النبوّة والرسالة، ثم ذكر الطريق الدال على إمكانه على جهة التعليق والإمكان، وهو متيقن أنه على بينة من معرفة الله وتوحيده، وما يجب له وما يمتنع، ولكنه أبرزه على سبيل العرض لهم والاستدراج للإقرار بالحق، وقيام الحجة على الخصم، ولو قال: على اني على حق من ربي لقالوا له كذبت، كقوله: {أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله} الآية فقال فيها: وإن يك كاذبًا فعليه كذبه.
والبينة البرهان، والشاهد بصحة دعواه ابن عباس الرحمة والنبوّة مقاتل الهداية غيرهما التوفيق والنبوّة والحكمة.
والظاهر أن البينة غير الرحمة، فيجوز أن يراد بالبينة المعجزة، وبالرحمة النبوّة.
ويجوز أن تكون البينة هي الرحمة، ومن عنده تأكيد وفائدته رفع الاشتراك ولو بالاستعارة، فعميت عليكم.
الظاهر أنّ الضمير عائد على البينة، وبذلك يحصل الذم لهم من أنه أتى بالمعجزة الجلية الواضحة، وأنها على وضوحها واستنارتها خفيت عليهم، وذلك بأنه تعالى سلبهم علمها ومنعهم معرفتها.
فإن كانت الرحمة هي البينة فعود الضمير مفردًا ظاهر، وإن كانت غيرها كما اخترناه.
فقوله: وآتاني رحمة من عنده، اعتراض بين المتعاطفين.
قال الزمخشري: حقه أن يقال: فعميتا.
(قلت): الوجه أن يقدر فعميت بعد البينة، وأن يكون حذفه للاقتصار على ذكره، فتلخص أن الضمير يعود إما على البينة، وإما على الرحمة، وإما عليهما باعتبار أنهما واحد.
ويقول للسحاب العماء لأنه يخفي ما فيه، كما يقال له الغمام لأنه يغمه.
وقيل: هذا من المقلوب، فعميتم أنتم عنها كما تقول العرب: أدخلت القلنسوة في رأسي، ومنه قول الشاعر:
ترى الثور فيها مدخل الظل رأسه

قال أبو علي: وهذا مما يقلب، هذ ليس فيه إشكال، وفي القرآن: {فلا تحسبنّ الله مخلف وعده رسله} انتهى.
والقلب عند أصحابنا مطلقًا لا يجوز إلا في الضرورة، وأما قول الشاعر فليس من باب القلب بل من باب الاتساع في الظرف.
وأما الآية فأخلف يتعدّى إلى مفعولين، ولكان يضيف إلى أيهما شئت فليس من باب القلب، ولو كان فعميت عليكم من باب القلب لكان التعدي بعن دون على.
ألا ترى أنك تقول: عميت عن كذا، ولا تقول عميت على كذا؟ وقرأ الإخوان وحفص: فعميت بضم العين وتشديد الميم مبنيًا للمفعول، أي أبهمت عليكم وأخفيت، وباقي السبعة فعميت بفتح العين وتخفيف الميم مبنيًا للفاعل.
وقرأ أبيّ، وعليّ، والسلميّ، والحسن، والأعمش: فعماها عليكم.
وروى الأعمش عن أبي وثاب: وعميت بالواو خفيفة.
قال الزمخشري: (فإن قلت): فما حقيقته؟ (قلت): حقيقته أنّ الحجة كما جعلت بصيرة ومبصرة جعلت عمياء، لأنّ الأعمى لا يهتدي، ولا يهدي غيره، فمعنى فعميت عليكم البينة فلم تهدكم، كما لو عمي على القوم دليلهم في المفازة بقوا بغير هاد. (فإن قلت): فما معنى قراءة أبيّ؟ (قلت): المعنى أنهم صمموا على الإعراض عنها فخلاهم الله وتصميمهم، فجعلت تلك التخلية تعمية منه، والدليل عليه: أنلزمكموها وأنتم لها كارهون؟ يعني: أنكرهكم على قبولها ونقسركم على الاهتداء بها وأنتم تكرهونها ولا تختارونها، ولا إكراه في الدين انتهى.
وتوجيهه قراءة أبيّ هو على طريقة المعتزلة، وتقدّم في سورة الأنعام الكلام على: {أرأيتم} مشبعًا، وذكرنا أن العرب تعديها إلى مفعولين: أحدهما منصوب، والثاني أغلب ما يكون جملة استفهامية.
تقول: أرأيتك زيدًا ما صنع، وليس استفهامًا حقيقيًا عن الجملة.
وأنّ العرب ضمنت هذه الجملة معنى أخبرني، وقررنا هناك أن قوله: {أرأيتكم إن أتاكم عذاب من الله} أنه من باب الأعمال تنازع على عذاب الله.
أرأيتكم يطلبه منصوبًا، وفعل الشرط يطلبه مرفوعًا، فأعمل الثاني، وهذا البحث يتقرر هنا أيضًا، فمفعول أرأيتكم محذوف والتقدير: أرأيتكم البينة من ربي إن كنت عليها أنلزمكموها؟ فهذه الجملة الاستفهامية في موضع المفعول الثاني لقوله: أرأيتم، وجواب الشرط محذوف يدل عليه أرأيتم، وجيء بالضميرين متصلين في أنلزمكموها، لتقدّم ضمير الخطاب على ضمير الغيبة، ولو انعكس لانفصل ضمير الخطاب خلافًا لمن أجاز الاتصال.
قال الزمخشري: ويجوز أن يكون الثاني منفصلًا كقولك: أنلزمكم إياها ونحوه، فسيكفيكهم الله، ويجوز فسيكفيك إياهم، وهذا الذي قاله الزمخشري من جواز انفصال الضمير في نحو أنلزمكموها، هو نحو قول ابن مالك في التسهيل.
قال: وتختار اتصال نحوها ءأعطيتكه.
وقال ابن أبي الربيع: إذا قدمت ما له الرتبة اتصل لا غير، تقول: أعطيتكه.
قال تعالى: {أنلزمكموها} وفي كتاب سيبويه ما يشهد له، قال سيبويه: فإذا كان المفعولان اللذان تعدّى إليهما فعل الفاعل مخاطبًا وغائبًا، فبدأت بالمخاطب قبل الغائب، فإنّ علامة الغائب العلامة التي لا يقع موقعها إياه وذلك قولك: أعطيتكه وقد أعطاكه.
قال الله تعالى: {أنلزمكموها وأنتم لها كارهون}، فهذا كهذا، إذا بدأت بالمخاطب قبل الغائب انتهى.
فهذا نص من سيبويه على ما قاله ابن أبي الربيع خلافًا للزمخشري وابن مالك ومن سبقهما إلى القول بذلك.
وقال الزمخشري: وحكى عن أبي عمرو إسكان الميم، ووجهه أنّ الحركة لم تكن إلا خلسة خفيفة، فظنها الراوي سكونًا.
والإسكان الصريح لحن عند الخليل وسيبويه وحذاق البصريين، لأن الحركة الإعرابية لا يسوغ طرحها إلا في ضرورة الشعر انتهى.
وأخذه الزمخشري من الزجاج، قال الزجاج: أجمع النحويون البصريون على أنه لا يجوز إسكان حركة الإعراب إلا في ضرورة الشعر، فأما ما روي عن أبي عمرو فلم يضبطه عنه القراء، وروى عنه سيبويه أنه كان يخف الحركة ويختلسها، وهذا هو الحق.
وإنما يجوز الإسكان في الشعر نحو قول امرئ القيس:
فاليوم أشرب غير مستحقب

والزمخشري على عادته في تجهيل القراء وهم أجل من أن يلتبس عليهم الاختلاس بالسكون، وقد حكى الكسائي والفراء أنلزمكموها بإسكان الميم الأولى تخفيفًا.
قال النحاس: ويجوز على قول يونس أنلزمكمها، كما تقول: أنلزمكم ذلك ويريد إلزام جبر بالقتل ونحوه، وأما إلزام الإيجاب فهو حاصل، وقال النحاس: أنوحيها عليكم، وقوله في ذلك خطأ.
قال ابن عطية: وفي قراءة أبيّ بن كعب أنلزمكموها من شطر أنفسنا، ومعناه من تلقاء أنفسنا.
وروي عن ابن عباس أنه قرأ ذلك من شطر قلوبنا انتهى.
ومعنى شطر نحو، وهذا على جهة التفسير لا على أنه قرآن لمخالفته سواد المصحف.
{وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ}
تلطف نوح عليه السلام بندائه بقوله: ويا قوم، استدراجًا لهم في قبول كلامه، كما تلطف إبراهيم عليه السلام بقوله يا أبت يا أبت وكما تلطف مؤمن آل فرعون بقوله: يا قوم يا قوم والضمير في عليه عائد إلى الإنذار.
وإفراد الله بالعبادة المفهوم من قوله لهم: {إني لكم نذير مبين ألا تعبدوا إلا الله} وقيل: على الدين، وقيل: على الدعاء إلى التوحيد، وقيل: على تبليغ الرسالة.
وكلها أقوال متقاربة، والمعنى: إنكم وهؤلاء الذين اتبعونا سواء في أنّ أدعوكم إلى الله، وإني لا أبتغي عما ألقيه إليكم من شرائع الله مالًا، فلا يتفاوت حالكم وحالهم.
وأيضًا فلعلهم ظنوا أنه يريد الاسترفاد منهم، فنفاه بقوله: لا أسألكم عليه مالًا إنْ أجري إلاّ على الله، فلا تحرموا أنفسكم السعادة الأبدية بتوهم فاسد.
ثم ذكر أنه قام بهؤلاء وصف يجب العكوف عليهم به والانضواء معهم، وهو الإيمان فلا يمكن طردهم، وكانوا سألوا منه طرد هؤلاء المؤمنين رفعًا لأنفسهم من مساواة أولئك الفقراء.
ونظير هذا ما اقترحت قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرد أتباعه الذين لم يكونوا من قريش.
وقرئ: بطارد بالتنوين، قال الزمخشري: على الأصل يعني: أنّ اسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال أصله أن يعمل ولا يضاف، وهذا ظاهر كلام سيبويه.
ويمكن أن يقال: إن الأصل الإضافة لا العمل، لأنه قد اعتوره شبهان أحدهما: شبه بالمضارع وهو شبهه بغير جنسه.
والآخر شبه بالأسماء إذا كانت فيها الإضافة، فكان إلحاقه بجنسه أولى من إلحاقه بغير جنسه.
إنهم ملاقوا ربهم: ظاهره التعليل لانتفاء طردهم، أي: إنهم يلاقون الله، أي: جزاءه، فيوصلهم إلى حقهم عندي إن ظلمتهم بالطرد.
وقال الزمخشري: معناه أنهم يلاقون الله فيعاقب من طردهم، أو يلاقونه فيجازيهم على ما في قلوبهم من إيمان صحيح ثابت كما ظهر لي منهم، وما أعرف غيره منهم، أو على خلاف ذلك مما تعرفونهم به من بناء إيمانهم على بادي الرأي من غير نظر ولا تفكر، وما عليّ أنْ أشق على قلوبهم وأتعرف ذلك منهم حتى أطردهم ونحوه: {ولا تطرد الذين يدعون} الآية أو هم مصدّقون بلقاء ربهم، موقنون به عالمون أنهم ملاقوه لا محالة انتهى.
ووصفهم بالجهل لكونهم بنوا أمرهم على الجهل بالعواقب، والاغترار بالظواهر.
أو لأنهم يتسافلون على المؤمنين ويدعونهم أراذل من قوله: ألا لا يجهلن أحد علينا.
أو تجهلون لقاء ربكم، أو تجهلون أنهم خير منكم، أو وصفهم بالجهل في هذا الاقتراح، وهو طرد المؤمنين ونحوه: من ينصرني، استفهام معناه لا ناصر لي من عقاب الله إن طردتهم عن الخير الذي قد قبلوه، أو لأجل إيمانهم قاله: الفراء، وكانوا يسألونه أنْ يطردهم ليؤمنوا به أنفة منهم أن يكونوا معهم على سواء، ثم وقفهم بقوله: أفلا تذكرون، على النظر المؤدّي إلى صحة هذا الاحتجاج.
وتقدم تفسير الجمل الثلاث في الأنعام.
وتزدري تفتعل، والدال بدل من التاء قال:
ترى الرجل النحيف فتزدريه ** وفي أثوابه أسد هصور

وأنشد الفراء:
يباعده الصديق وتزدريه ** حليلته وينهره الصغير

والعائد على الموصول محذوف أي: تزدرونهم، أي: تستحقرهم أعينكم.
ولن يؤتيهم معمول لقوله: ولا أقول، وللذين معناه لأجل الذين.
ولو كانت اللام للتبليغ لكان القياس لن يؤتيكم بكاف الخطاب، أي: ليس احتقاركم إياهم ينقص ثوابهم عند الله ولا يبطل أجورهم، الله أعلم بما في أنفسهم، تسليم لله أي: لست أحكم عليهم بشيء من هذا، وإنما الحكم بذلك لله تعالى الذي يعلم ما في أنفسهم فيجازيهم عليه.
وقيل: هو رد على قولهم: اتبعك أراذلنا، أي لست أحكم عليهم بأنْ لا يكون لهم خير لظنكم بهم، إن بواطنهم ليست كظواهرهم، الله عز وجل أعلم بما في نفوسهم، إني لو فعلت ذلك لمن الظالمين، وهم الذين يضعون الشيء في غير مواضعه. اهـ.